رغبة عبد في عفو الله
إليك إلـه الخلـق أرفع رغبتـي
وإن كنتُ يا ذا المنّ والجود مجرِما
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبـي
جعلت الرجا منـي لعفـوك سلَّمـا
تعاظمنـي ذنبـي فـلّما قرنتـه
بعفوك ربي كان عفـوك أعظمـا
فما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجـود وتـعفـو منّـة وتـكرّمـا
فلولاك لـم يصمد لإبليس عابـدٌ
فكيف وقـد أغـوى صفيـَّك آدمـا
فيا ليت شعري هـل أصير لجنـةٍ
فَأَهْنَا ؟ وإمـا للسـعير فأنـدمـا ؟
فللـه در الـعارف النـدب إنـه
تفيض لفـرط الـوجد أجفانـه دما
يقيـم إذا ما اللـيـل مدّ ظلامـه
على نفسـه من شدة الخـوف مأتمـا
فصيحًا إذا ما كان في ذكر ربـه
وفيما سواه في الورى كان أعجمـا
ويذكر أيامًا مضت مـن شبابـه
وما كـان فيهـا بالجهالـة أجرمـا
فصار قرين الهـم طول نهـاره
أخا السّهد والنجوى إذا الليل أظلمـا
يقول : حبيبي أنت سؤلي وبغيتي
كفي بك للراجين سـؤلا ومغنمـا
ألسـتَ الذي غذّيتنـي وهديتني
ولا زلتَ منـّانـا علـيَّ و مُنْعمـا
عسى من له الإحسان يغفر زلّـتي
ويستر أوزاري ومـا قـد تقدمـا
تعاظمني ذنبـي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فإن تعفُ عني تعفُ عـن متمرِّدٍ
ظلـومٍ غشـومٍ لا يُـزايـل مأثمـا
وإن تنتقـم منـي فلست بآيـسٍ
ولو أدخلـوا نفسـي بجُرمٍ جهنّمـا
فجرمي عظيم من قديـمٍ وحادثٍ
وعفـوك يأتي العبدَ أعلى وأجـسَما
حَوَالـَيَّ فضل الله من كل جانـب
ونور من الـرحمن يفترش السَّمـا
وفي القلب إشراق المحبِّ بوصله
إذا قارب البشرى وجاز إلى الحـمَى
حَوَالـىَّ إيناس من اللـه وحـده
يطالعنـي في ظلمة القبر أنجُمـا
أصون ودادي أن يدنسه الهـوى
وأحفـظ عهد الحب أن يتثـلّمـا
ففي يقْظتي شوقٌ وفي غفوتي مُنىً
تلاحـق خطـوى نشوة وترنُّمـا
ومن يعتصمْ بالله يسلمْ مِن الورى
ومـن يرْجُـه هيهات أن يتندمـا